فصل: فصلٌ: (الإسفار بالفجر):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية (نسخة منقحة)



.فصلٌ: (الإسفار بالفجر):

(وَيُسْتَحَبُّ الْإِسْفَارُ بِالْفَجْرِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ».
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: يُسْتَحَبُّ التَّعْجِيلُ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَالْحُجَّةُ عَلَيْهِ مَا رَوَيْنَاهُ وَمَا نَرْوِيهِ.
الشرح:
فصلٌ: (الإسفار بالفجر):
الْحَدِيثُ الثَّانِي عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَمِنْ حَدِيثِ بِلَالٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَمِنْ حَدِيثِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، وَمِنْ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ، وَمِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ حَوَّاءَ الْأَنْصَارِيَّةِ.
أَمَّا حَدِيثُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، فَرَوَاهُ أَصْحَابُ السُّنَنِ الْأَرْبَعَةِ مِنْ حَدِيثِ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» انْتَهَى.
التِّرْمِذِيُّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ، وَالْبَاقُونَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمٍ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد فِيهِ: «أَصْبِحُوا بِالْفَجْرِ».
قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: طَرِيقُهُ طَرِيقٌ صَحِيحٌ، وَعَاصِمُ بْنُ عُمَرَ وَثَّقَهُ النَّسَائِيّ، وَابْنُ مَعِينٍ، وَأَبُو زُرْعَةَ، وَغَيْرُهُمْ، وَلَا أَعْرِفُ أَحَدًا ضَعَّفَهُ، وَلَا ذَكَرَهُ فِي جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ، انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «أَسْفِرُوا بِصَلَاةِ الصُّبْحِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ»، وَفِي لَفْظٍ لَهُ: «فَكُلَّمَا أَصْبَحْتُمْ بِالصُّبْحِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِأُجُورِكُمْ»، وَفِي لَفْظٍ لِلطَّبَرَانِيِّ: «وَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ بَعْدَ قَوْلِهِ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، قَالَ الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ: مَعْنَى الْإِسْفَارِ أَنْ يَصِحَّ الْفَجْرُ، فَلَا يُشَكَّ فِيهِ، وَلَمْ يُرْوَ أَنَّ مَعْنَى الْإِسْفَارِ تَأْخِيرُ الصَّلَاةِ. انتهى.
وَأَمَّا حَدِيثُ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ، فَرَوَاهُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ عِيسَى ثنا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ.
لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ، وَمَحْمُودُ بْنُ لَبِيدٍ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ فَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ سَمِعَهُ مِنْ رَافِعٍ أَوَّلًا فَرَوَاهُ عَنْهُ، ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرَوَاهُ عَنْهُ، إلَّا أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِيهِ ضَعْفٌ.
وَأَمَّا حَدِيثُ بِلَالٍ فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ ثنا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ ثنا أَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ عَنْ ابْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ عَنْ بِلَالٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ، قَالَ الْبَزَّارُ: وَأَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَفِيهِ ضَعْفٌ. انتهى.
قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَأَيُّوبُ بْنُ سَيَّارٍ، قَالَ الْبُخَارِيُّ فِيهِ: مُنْكَرُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: الضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ، إلَّا أَنَّ أَحَادِيثَهُ لَيْسَتْ بِمُنْكَرَةٍ جِدًّا.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ فَرَوَاهُ الْبَزَّارُ أَيْضًا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ الْأَزْدِيُّ ثنا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ثنا يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَلَفْظُهُ: «أَسْفِرُوا بِصَلَاةِ الْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ».
قَالَ الْبَزَّارُ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، فَرَوَاهُ شُعْبَةُ عَنْ أَبِي دَاوُد الْجَزَرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَرَوَاهُ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ، وَلَا نَعْلَمُ رَوَاهُ عَنْ هِشَامٍ إلَّا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ، وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ. انتهى.
وَقَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي عِلَلِهِ: اُخْتُلِفَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ فِيهِ بِسَنَدَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: عَنْ حَوَّاءَ الْأَنْصَارِيَّةِ، وَالْآخَرُ: عَنْ أَنَسٍ، وَأَمَّا حَدِيثُ حَوَّاءَ، فَرَوَاهُ إِسْحَاقُ الْحُنَيْنِيُّ عَنْ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ وَكَانَتْ مِنْ الْمُبَايِعَاتِ وَوَهَمَ فِيهِ، وَأَمَّا حَدِيثُ أَنَسٍ، فَرَوَاهُ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ النَّوْفَلِيُّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ أَنَسٍ، وَوَهَمَ فِيهِ أَيْضًا، وَالصَّحِيحُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ رَوَاهُ الطَّحَاوِيُّ مِنْ جِهَةِ آدَمَ بْنِ أَبِي إيَاسٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي دَاوُد الْجَزَرِيِّ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ مَرْفُوعًا: «نَوِّرُوا بِالْفَجْرِ، فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ، فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ وَالْبَزَّارُ فِي مُسْنَدِهِ مِنْ حَدِيثِ فُلَيْحِ بْنِ سُلَيْمَانَ بْنِ عَاصِمِ بْنِ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، قَالَ الْبَزَّارُ: وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا تَابَعَ فُلَيْحِ بْنَ سُلَيْمَانَ عَلَى رِوَايَتِهِ، وَإِنَّمَا يَرْوِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ.
وَمُحَمَّدُ بْنُ عَجْلَانَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، وَهُوَ الصَّوَابُ. انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي يَحْيَى الْحَضْرَمِيُّ ثنا أَحْمَدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْوَاسِطِيُّ ثنا الْمُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَشُعْبَةُ عَنْ زُبَيْدٍ عَنْ مُرَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَرَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الضُّعَفَاءِ مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ أَوْسٍ أَبِي زَيْدٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ ابْنِ عَوْنٍ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ، وَأَعَلَّهُ بِسَعِيدٍ، وَقَالَ: لَا يَجُوزُ الِاحْتِجَاجُ بِمَا انْفَرَدَ بِهِ مِنْ الْأَخْبَارِ، وَلَا الِاعْتِبَارُ إلَّا بِمَا وَافَقَ الثِّقَاتِ فِي الْآثَارِ، وَلَيْسَ هَذَا مِنْ حَدِيثِ ابْنِ عَوْنٍ، وَلَا ابْنِ سِيرِينَ، وَلَا أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ حَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ فَقَطْ، وَهَذَا بِمَا لَا يَسْأَلُهُ أَنَّهُ مَقْلُوبٌ أَوْ مَعْدُولٌ، انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ حَوَّاءَ فَرَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْجُمَحِيُّ ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْحُنَيْنِيُّ ثنا هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ عَنْ ابْنِ بُجَيْدٍ الْحَارِثِيِّ عَنْ جَدَّتِهِ حَوَّاءَ الْأَنْصَارِيَّةِ، وَكَانَتْ مِنْ الْمُبَايِعَاتِ قَالَتْ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ» انْتَهَى.
قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَإِسْحَاقُ الْحُنَيْنِيُّ بِضَمِّ الْحَاءِ، بَعْدَهَا نُونٌ، ثُمَّ يَاءٌ آخِرُ الْحُرُوفِ، ثُمَّ نُونٌ قَالَ الْبُخَارِيُّ: فِي حَدِيثِهِ نَظَرٌ، وَذَكَرَ لَهُ ابْنُ عَدِيٍّ أَحَادِيثَ، ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ مَعَ ضَعْفِهِ يَكْتُبُ حَدِيثَهُ. انتهى.
قَالَ الشَّيْخُ: وَابْنُ بُجَيْدٍ هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ بُجَيْدٍ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَفَتْحِ الْجِيمِ بَعْدَهَا آخِرُ الْحُرُوفِ سَاكِنَةٌ ابْنُ قَيْظِيٍّ بِفَتْحِ الْقَافِ، بَعْدَهَا يَاءٌ سَاكِنَةٌ بَعْدَهَا ظَاءٌ مُعْجَمَةٌ الْحَارِثِيُّ الْمَدَنِيُّ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ مِنْ غَيْرِ تَعْرِيفٍ بِحَالِهِ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي كِتَابِ الثِّقَاتِ وَجَدَّتُهُ حَوَّاءُ بِنْتُ زَيْدِ بْنِ السَّكَنِ أُخْتُ أَسْمَاءَ بِنْتِ زَيْدِ بْنِ السَّكَنِ.
الْآثَارُ فِي ذَلِكَ، أَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ عَنْ دَاوُد بْنِ يَزِيدَ الْأَوْدِيِّ عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ يُصَلِّي بِنَا الْفَجْرَ وَنَحْنُ نَتَرَاءَى الشَّمْسَ مَخَافَةَ أَنْ تَكُونَ قَدْ طَلَعَتْ، انْتَهَى.
وَعَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ، قَالَ: كُنَّا نُصَلِّي مَعَ ابْنِ مَسْعُودٍ، فَكَانَ يُسْفِرُ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ. انتهى.
وَعَنْ أَبِي الزَّاهِرِيَّةِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ، قَالَ: قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: أَسْفِرُوا بِهَذِهِ الصَّلَاةِ. انتهى.
وَعَنْ الْقَعْنَبِيِّ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ، قَالَ: مَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ، انْتَهَى.
وَتَأَوَّلَ الْخُصُومُ الْإِسْفَارَ فِي هَذِهِ الْأَحَادِيثِ بِظُهُورِ الْفَجْرِ، وَهَذَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ الْغَلَسَ الَّذِي يَقُولُونَ بِهِ، هُوَ اخْتِلَاطُ ظَلَامِ اللَّيْلِ بِنُورِ النَّهَارِ، كَمَا ذَكَرَهُ أَهْلُ اللُّغَةِ، وَقَبْلَ ظُهُورِ الْفَجْرِ لَا يَصِحُّ صَلَاةُ الْفَجْرِ، فَثَبَتَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ إنَّمَا هُوَ التَّنْوِيرُ، وَهُوَ التَّأْخِيرُ عَنْ الْغَلَسِ، وَزَوَالُ الظُّلْمَةِ، وَأَيْضًا فَقَوْلُهُ: أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ، يَقْتَضِي حُصُولَ الْأَجْرِ فِي الصَّلَاةِ بِالْغَلَسِ، فَلَوْ كَانَ الْإِسْفَارُ هُوَ وُضُوحُ الْفَجْرِ وَظُهُورُهُ لَمْ يَكُنْ فِي وَقْتِ الْغَلَسِ أَجْرٌ لِخُرُوجِهِ عَنْ الْوَقْتِ، قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَفَسَّرَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ الْإِسْفَارَ فِي الْحَدِيثِ بِبَيَانِ الْفَجْرِ وَطُلُوعِهِ، أَيْ لَا تُصَلُّوا إلَّا عَلَى تَبَيُّنٍ مِنْ طُلُوعِهِ، قَالَ: وَهَذَا يَرُدُّهُ بَعْضُ أَلْفَاظِ الْحَدِيثِ أَوْ يُبَعِّدُهُ. انتهى.
وَرَوَى النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ أَخْبَرَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٌ ثنا إسْمَاعِيلُ ثنا حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَأَلَهُ عَنْ وَقْتِ الْغَدَاةِ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَمَرَ حِينَ انْشَقَّ الْفَجْرُ أَنْ تُقَامَ الصَّلَاةُ فَصَلَّى، فَلَمَّا كَانَ مِنْ الْغَدِ أَسْفَرَ، فَأَمَرَ، فَأُقِيمَتْ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى، ثُمَّ قَالَ: أَيْنَ السَّائِلُ؟ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ وَقْتٌ» انْتَهَى.
فَعُلِمَ بِهَذَا أَنَّ الْمُرَادَ بِالْإِسْفَارِ التَّنْوِيرُ، وَقَدْ وَرَدَ فِي بَعْضِ أَلْفَاظِ هَذَا الْحَدِيثِ مَا يَدْفَعُ تَأْوِيلَهُمْ: مِنْهَا عِنْدَ ابْنِ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ «فَكُلَّمَا أَصْبَحْتُمْ بِالصُّبْحِ فَهُوَ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ»، وَعِنْدَ النَّسَائِيّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ.
قَالَ: «مَا أَسْفَرْتُمْ بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ»، وَعِنْدَ الطَّبَرَانِيِّ: «فَكُلَّمَا أَسْفَرْتُمْ بِالْفَجْرِ».
حَدِيثٌ آخَرُ يُبْطِلُ تَأْوِيلَهُمْ، رَوَى ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ وَأَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مَسَانِيدِهِمْ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ، قَالَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ، وَقَالَ الْبَاقُونَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ثنا إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْمَدَنِيُّ ثنا هُرَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ سَمِعْت جَدِّي رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ يَقُولُ: «قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِبِلَالٍ: يَا بِلَالُ نَوِّرْ بِصَلَاةِ الصُّبْحِ حَتَّى يُبْصِرَ الْقَوْمُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِمْ مِنْ الْإِسْفَارِ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي عِلَلِهِ فَقَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي ثنا هَارُونُ بْنُ مَعْرُوفٍ، وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ إبْرَاهِيمَ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ هُرَيْرٍ بِهِ.
قَالَ: وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ بْنِ مُجَمِّعٍ عَنْ هُرَيْرٍ بِهِ، هَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ، قَالَ أَبِي: وَقَدْ سَمِعْنَا مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ كِتَابَ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ كُلَّهُ، فَلَمْ يَكُنْ لِهَذَا الْحَدِيثِ فِيهِ ذِكْرٌ، وَقَدْ حَدَّثَنَاهُ غَيْرُ وَاحِدٍ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ، لَكِنِّي رَأَيْت لِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مُتَابِعًا آخَرَ، إمَّا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى أَوْ غَيْرُهُ، فَلَعَلَّ الْخَطَأَ مِنْ أَبِي نُعَيْمٍ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ أَبَا إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبَ، فَغَلِطَ فِي نِسْبَتِهِ انْتَهَى كَلَامُهُ.
قُلْت: قَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد الطَّيَالِسِيُّ فِي مُسْنَدِهِ، وَكَذَلِكَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ إبْرَاهِيمَ، كَمَا رَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ، وَقَدْ قَدَّمْنَاهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ، وَأَسْنَدَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ: أَبُو إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبُ ضَعِيفٌ، قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: وَلَمْ أَجِدْ فِي تَضْعِيفِهِ غَيْرَ هَذَا، وَلَهُ أَحَادِيثُ غَرَائِبُ حِسَانٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الصِّدْقِ، وَهُوَ مِمَّنْ يُكْتَبُ حَدِيثَهُ، أَخْرَجَهُ عَنْ أَبِي إسْمَاعِيلَ الْمُؤَدِّبِ عَنْ هُرَيْرٍ.
حَدِيثٌ آخَرُ يُبْطِلُ تَأْوِيلَهُمْ، رَوَاهُ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْقَاسِمُ بْنُ ثَابِتٍ السَّرَقُسْطِيُّ فِي كِتَابِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ثنا الْمُعْتَمِرُ سَمِعْت بَيَانًا أَبَا سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْت أَنَسًا يَقُولُ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الصُّبْحَ حِينَ يَفْسَحُ الْبَصَرُ» انْتَهَى.
قَالَ: فَقَالَ: فَسَحَ الْبَصَرُ.
وَانْفَسَحَ: إذَا رَأَى الشَّيْءَ عَنْ بُعْدٍ يَعْنِي بِهِ إسْفَارَ الصُّبْحِ. انتهى.
حَدِيثٌ آخَرُ يُؤَيِّدُ مَذْهَبَنَا، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «مَا رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى صَلَاةً لِغَيْرِ وَقْتِهَا إلَّا بِجَمْعٍ، فَإِنَّهُ جَمَعَ بَيْنَ الْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِجَمْعٍ، يُصَلِّي صَلَاةَ الصُّبْحِ مِنْ الْغَدِ قَبْلَ وَقْتِهَا» انْتَهَى.
قَالَ الْعُلَمَاءُ: يَعْنِي وَقْتَهَا الْمُعْتَادَ فِي كُلِّ يَوْمٍ لَا أَنَّهُ صَلَّاهَا قَبْلَ الْفَجْرِ، وَإِنَّمَا غَلَّسَ بِهَا جِدًّا، وَيُوَضِّحُهُ رِوَايَةٌ فِي الْبُخَارِيِّ وَالْفَجْرُ حِينَ بَزَغَ، وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ يُسْفِرُ بِالْفَجْرِ دَائِمًا، وَقَلَّمَا صَلَّاهَا بِغَلَسٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، وَبِهِ اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ لِأَصْحَابِنَا، وَأَخْرَجَ الطَّحَاوِيُّ فِي شَرْحِ الْآثَارِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، قَالَ: مَا اجْتَمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى شَيْءٍ مَا اجْتَمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ، انْتَهَى.
قَالَ الطَّحَاوِيُّ: وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى خِلَافِ مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. انتهى.
وَقَالَ الْحَازِمِيُّ فِي كِتَابِهِ النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ: اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْإِسْفَارِ وَالتَّغْلِيسِ، فَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ الْإِسْفَارَ أَفْضَلُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ أَخْذًا بِحَدِيثِ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ «أَسْفِرُوا بِالْفَجْرِ فَإِنَّهُ أَعْظَمُ لِلْأَجْرِ»، وَرَأَى بَعْضُهُمْ أَنَّ التَّغْلِيسَ أَفْضَلُ، وَبِهِ أَخَذَ الشَّافِعِيُّ، وَمَالِكٌ.
وَأَحْمَدُ أَخْذًا بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: «كُنَّ نِسَاءَ الْمُؤْمِنِينَ يُصَلِّينَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصُّبْحَ، ثُمَّ يَنْصَرِفْنَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، قَالَ: وَزَعَمَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْإِسْفَارِ نَاسِخٌ لِحَدِيثِ التَّغْلِيسِ، وَأَنَّ حَدِيثَ التَّغْلِيسِ لَيْسَ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَفْضَلِ بِخِلَافِ حَدِيثِ رَافِعٍ، أَوْ أَنَّهُمْ كَانُوا يَدْخُلُونَ مُغَلِّسِينَ، وَيَخْرُجُونَ مُسْفِرِينَ، قَالَ: وَالْأَمْرُ عَلَى خِلَافِ مَا قَالَ الطَّحَاوِيُّ، لِأَنَّ حَدِيثَ التَّغْلِيسِ ثَابِتٌ، وَأَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ دَاوَمَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ فَارَقَ الدُّنْيَا، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُدَاوِمُ إلَّا عَلَى مَا هُوَ الْأَفْضَلُ، ثُمَّ رَوَى حَدِيثَ أَبِي مَسْعُودٍ «أَنَّهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ صَلَّى الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ بِهَا، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغَلَسِ، حَتَّى مَاتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَعُدْ إلَى أَنْ يُسْفِرَ»، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الْخَامِسِ وَالْأَرْبَعِينَ، مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ، كِلَاهُمَا مِنْ حَدِيث أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ سَمِعْت بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا مَسْعُودٍ، فَذَكَرَهُ، وَهُوَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ الْمَوَاقِيتِ وَحَدِيثُ الْمَوَاقِيتِ مُخَرَّجٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ لَيْسَ فِيهِ هَذَا، قَالَ أَبُو دَاوُد: رَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: مَالِكٌ وَمَعْمَرٌوَابْنُ عُيَيْنَةَ وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا فِيهِ هَذَا، انْتَهَى.
قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ وَقَدْ اُسْتُدِلَّ بِهَذَا عَلَى نَسْخِ أَفْضَلِيَّةِ الْإِسْفَارِ، وَلَيْسَ فِيهِ: مَنْ مُسَّ، إلَّا أُسَامَةُ، فَقَالَ أَحْمَدُ: لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَعَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ أَنَّهُ تَرَكَهُ بِآخِرِهِ. انْتَهَى.
وفِي التَّنْقِيحِ وَاخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، وَقَالَ: أَبُو حَاتِمٍ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ، وَقَالَ النَّسَائِيّ، وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ. انتهى.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ الْخَاصَّةُ بِالْفَجْرِ حَدِيثُ عَائِشَةَ قَالَتْ: «إنْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَيُصَلِّي الصُّبْحَ فَيَنْصَرِفُ النِّسَاءُ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ مَا يُعْرَفْنَ مِنْ الْغَلَسِ»، وَفِي لَفْظٍ لِمُسْلِمٍ: «وَمَا يُعْرَفْنَ مِنْ تَغْلِيسِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّلَاةِ»، وَزَادَ الْبُخَارِيُّ فِي لَفْظٍ: «وَلَا يَعْرِفْنَ بَعْضُهُنَّ بَعْضًا»، أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ.
وَمُسْلِمٌ، وَرَوَى الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ عَنْ إِسْحَاقَ الدَّبَرِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ هِنْدِ بِنْتِ الْحَارِثِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ نَحْوَهُ، سَوَاءٌ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَالدَّبَرِيُّ هَذَا بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَحَدِيثُ جَابِرٍ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ، وَالْمَغْرِبَ إذَا وَجَبَتْ الشَّمْسُ، وَالْعِشَاءَ إذَا كَثُرَ النَّاسُ عَجَّلَ، وَإِذَا قَلُّوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحَ بِغَلَسٍ»، أَخْرَجَاهُ أَيْضًا.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الدِّمَشْقِيُّ ثنا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ثنا الْأَوْزَاعِيُّ ثَنَا نَهِيكُ بْنُ يَرِيمَ الْأَوْزَاعِيُّ ثنا مُغِيثُ بْنُ سُمَيٌّ، قَالَ: صَلَّيْت مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الصُّبْحَ بِغَلَسٍ، فَلَمَّا سَلَّمَ أَقْبَلْت عَلَى ابْنِ عُمَرَ، فَقُلْت: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ؟ قَالَ: هَذِهِ صَلَاتُنَا كَانَتْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَلَمَّا طُعِنَ عُمَرُ أَسْفَرَ بِهَا عُثْمَانُ. انْتَهَى.
وفِيهِ حَدِيثُ أُسَامَةَ بِسَنَدِهِ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ، وَقَدْ تَقَدَّمَ قَرِيبًا.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ الْعَامَّةُ لِسَائِرِ الْأَوْقَاتِ، رَوَى أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ، قَالَتْ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا» انْتَهَى.
وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ عَمَّتِهِ أُمِّ فَرْوَةَ، وَلَمْ يَقُلْ عَنْ بَعْضِ أُمَّهَاتِهِ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ لَا يُرْوَى إلَّا مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ، وَلَيْسَ بِالْقَوِيِّ عِنْدَ أَهْلِ الْحَدِيثِ، وَقَدْ اضْطَرَبُوا فِي هَذَا الْحَدِيثِ. انتهى.
وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي كِتَابِ الْعِلَلِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا وَاضْطِرَابًا، ثُمَّ قَالَ: وَالْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ قَالَ: عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ جَدَّتِهِ الدُّنْيَا عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ. انتهى.
وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ الْعُمَرِيِّ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ الدُّنْيَا عَنْ أُمِّ فَرْوَةَ، فَذَكَرَهُ، وَسَكَتَ عَنْهُ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ قَالَ فِي الْإِمَامِ: وَمَا فِيهِ مِنْ الِاضْطِرَابِ فِي إثْبَاتِ الْوَاسِطَةِ بَيْنَ الْقَاسِمِ وَأُمِّ فَرْوَةَ، وَإِسْقَاطُهَا يَعُودُ إلَى الْعُمَرِيِّ، وَقَدْ ضُعِّفَ، وَمَنْ أَثْبَتَ الْوَاسِطَةَ يَقْضِي عَلَى مَنْ أَسْقَطَهَا، وَتِلْكَ الْوَاسِطَةُ مَجْهُولَةٌ، وَقَدْ وَرَدَ أَيْضًا عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ مُصَغَّرًا رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ جِهَةِ الْمُعْتَمِرِ بْنِ سُلَيْمَانَ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ غَنَّامٍ عَنْ جَدَّتِهِ أُمِّ فَرْوَةَ، فَذَكَرَهُ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ فِي النَّوْعِ الثَّامِنِ، مِنْ الْقِسْمِ الرَّابِعِ، عَنْ أَبِيهِ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بْنِ فَارِسٍ ثنا مَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: «سَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّلَاةِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا» انْتَهَى.
ورَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو نُعَيْمٍ فِي مُسْتَخْرَجِهِ قَالَهُ فِي الْإِمَامِ، وَفِي لَفْظٍ: قَالَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ الْحَدِيثَ، قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ أَعْنِي قَوْلَهُ: فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا تَفَرَّدَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ شُعْبَةَ.
وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ مُسْهِرٍ بِلَفْظِ: الصَّلَاةُ لِوَقْتِهَا وَرَوَاهُ كَالْأَوَّلِ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ: حَدِيثٌ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ، انْتَهَى.
ورَوَاهُ كَذَلِكَ فِي كِتَابِ الْأَرْبَعِينَ لَهُ عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عُمَرَ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَدْ أَخْرَجَاهُ مِنْ رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ سَابِقٍ عَنْ مَالِكِ بْنِ مِغْوَلٍ بِلَفْظِ: الصَّلَاةُ عَلَى مِيقَاتِهَا، وَإِنَّمَا هَذِهِ زِيَادَةٌ تَفَرَّدَ بِهَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَرَ وَهِيَ مَقْبُولَةٌ مِنْهُ، فَإِنَّ مَذْهَبَهُمَا قَبُولُ الزِّيَادَةِ مِنْ الثِّقَةِ. انتهى.
وَأَخْرَجَهُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ أَيْضًا عَنْ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ ثنا عَلِيُّ بْنُ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيُّ ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ الْوَلِيدِ بْنِ الْعَيْزَارِ بِهِ سَنَدًا وَمَتْنًا، ثُمَّ قَالَ: رَوَاهُ عَنْ شُعْبَةَ جَمَاعَةٌ لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ هَذِهِ اللَّفْظَةَ غَيْرُ حَجَّاجِ بْنِ الشَّاعِرِ، وَهُوَ حَافِظٌ ثِقَةٌ عَنْ عَلِيِّ بْنِ حَفْصٍ الْمَدَائِنِيِّ، وَقَدْ احْتَجَّ بِهِ مُسْلِمٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُد عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ اللَّيْثِيِّ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ أَخْبَرَهُ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ سَمِعْت بَشِيرَ بْنَ أَبِي مَسْعُودٍ يَقُولُ: سَمِعْت أَبَا مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيَّ يَقُولُ: سَمِعْت رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «نَزَلَ جَبْرَائِيلُ فَأَخْبَرَنِي بِوَقْتِ الصَّلَاةِ فَصَلَّيْت مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْت مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْت مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْت مَعَهُ، ثُمَّ صَلَّيْت مَعَهُ، إلَى أَنْ قَالَ: وَصَلَّى الصُّبْحَ مَرَّةً بِغَلَسٍ، ثُمَّ صَلَّى مَرَّةً أُخْرَى فَأَسْفَرَ، ثُمَّ كَانَتْ صَلَاتُهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالْغَلَسِ حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ لَمْ يُعِدْ إلَى أَنْ يُسْفِرَ»، وَقَدْ تَقَدَّمَ بِتَمَامِهِ فِي الْحَدِيثِ التَّاسِعِ، قَالَ أَبُو دَاوُد: وَرَوَاهُ عَنْ الزُّهْرِيِّ: مَعْمَرٌ وَمَالِكٌ وَابْنُ عُيَيْنَة وَشُعَيْبُ بْنُ أَبِي حَمْزَةَ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ، وَغَيْرُهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا الْوَقْتَ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، وَلَمْ يُفَسِّرُوهُ، وَأُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ اللَّيْثِيُّ.
وَقَالَ أَبُو طَالِبٍ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ: تَرَكَهُ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ بِآخِرِهِ، وَقَالَ الْأَثْرَمُ عَنْ أَحْمَدَ: لَيْسَ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ عَنْ أَبِيهِ: رَوَى عَنْ نَافِعٍ أَحَادِيثَ مَنَاكِيرَ، وَاخْتَلَفَ الرِّوَايَةُ فِيهِ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ، فَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ صَالِحٌ، وَقَالَ مَرَّةً: لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ، وَقَالَ مَرَّةً: ثِقَةٌ حُجَّةٌ، وَقَالَ مَرَّةً: تُرِكَ حَدِيثُهُ بِآخِرِهِ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: يَكْتُبُ حَدِيثَهُ، وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ.
وَقَالَ النَّسَائِيّ وَالدَّارَقُطْنِيّ: لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: لَيْسَ بِحَدِيثِهِ بَأْسٌ، وَرَوَى لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، وَبِسَنَدِ أَبِي دَاوُد وَمَتْنِهِ، رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ بِهِ، فِي النَّوْعِ الثَّالِثِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ يَعْقُوبَ بْنِ الْوَلِيدِ الْمَدَنِيِّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «الْوَقْتُ الْأَوَّلُ مِنْ الصَّلَاةِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَالْوَقْتُ الْأَخِيرُ عَفْوُ اللَّهِ» انْتَهَى.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الشَّافِعِيُّ: وَلَا يُؤَثِّرُ عَلَى رِضْوَانِ اللَّهِ شَيْءٌ، لِأَنَّ الْعَفْوَ لَا يَكُونُ إلَّا عَنْ تَقْصِيرٍ. انتهى.
وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ بِلَفْظِ: «خَيْرُ الْأَعْمَالِ الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ وَقْتِهَا»، قَالَ الْحَاكِمُ: وَيَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ هَذَا الْكِتَابِ. انتهى.
قَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يَعْقُوبُ بْنُ الْوَلِيدِ كَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ عَلَى الثِّقَاتِ لَا يَحِلُّ كَتْبُ حَدِيثِهِ إلَّا عَلَى جِهَةِ التَّعَجُّبِ، وَمَا رَوَاهُ إلَّا هُوَ. انتهى.
وَقَالَ أَحْمَدُ: كَانَ مِنْ الْكَذَّابِينَ الْكِبَارِ وَقَالَ أَبُو دَاوُد: لَيْسَ بِثِقَةٍ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَعْرِفَةِ حَدِيثُ «الصَّلَاةُ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ» إنَّمَا يُعْرَفُ بِيَعْقُوبَ بْنِ الْوَلِيدِ، وَقَدْ كَذَّبَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ وَسَائِرُ الْحُفَّاظِ، قَالَ: وَقَدْ رُوِيَ هَذَا الْحَدِيثُ بِأَسَانِيدَ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، وَإِنَّمَا يُرْوَى عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ مِنْ قَوْله. انتهى.
وَأَنْكَرَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابٍ عَلَى أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ الْحَقِّ كَوْنَهُ أَعَلَّ الْحَدِيثَ بِالْعُمَرِيِّ، وَسَكَتَ عَنْ يَعْقُوبَ، قَالَ: وَيَعْقُوبُ هُوَ عِلَّةٌ، فَإِنَّ أَحْمَدَ، قَالَ فِيهِ: كَانَ مِنْ الْكَذَّابِينَ الْكِبَارِ، وَكَانَ يَضَعُ الْحَدِيثَ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: كَانَ يَكْذِبُ وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مَوْضُوعٌ، وَابْنُ عَدِيٍّ إنَّمَا أَعَلَّهُ بِهِ، وَفِي بَابِهِ ذَكَرَهُ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ الْحُسَيْنِ بْنِ حُمَيْدٍ حَدَّثَنِي فَرَجُ بْنُ عُبَيْدٍ الْمُهَلَّبِيُّ ثَنَا عُبَيْدُ بْنُ الْقَاسِمِ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ عَنْ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ مَرْفُوعًا نَحْوَهُ.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ قَالَ مُطَيِّنٌ فِي الْحُسَيْنِ بْنِ حُمَيْدٍ: هُوَ كَذَّابٌ ابْنُ كَذَّابٍ لَا يُكْتَبُ حَدِيثُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هُوَ مُتَّهَمٌ فِيمَا يَرْوِيهِ، وَسَمِعْت أَحْمَدَ بْنَ عَبْدَةَ الْحَافِظَ، يَقُولُ: سَمِعْت مُطَيِّنًا، يَقُولُ وَقَدْ مَرَّ عَلَيْهِ الْحُسَيْنُ بْنُ حُمَيْدٍ بْنِ الرَّبِيعِ: هَذَا كَذَّابٌ ابْنُ كَذَّابٍ ابْنِ كَذَّابٍ. انتهى.
طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ زَكَرِيَّا ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ أَبِي مَحْذُورَةَ حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ جَدِّي مَرْفُوعًا: «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَأَوْسَطُهُ رَحْمَةُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ» انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مَجْهُولٌ، وَالْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ مُنْكَرٌ.
وَقَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: حَدَّثَ عَنْ الثِّقَاتِ بِالْأَبَاطِيلِ، وَالضَّعْفُ عَلَى حَدِيثِهِ بَيِّنٌ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ الضُّعَفَاءِ، قَالَ: وَسُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ» فَقَالَ: لَيْسَ بِثَابِتٍ انْتَهَى كَلَامُهُ.
طَرِيقٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ عَنْ بَقِيَّةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ مَوْلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الْعَزِيزِ حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ» انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ: هَذَا مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي يَرْوِيهَا بَقِيَّةُ عَنْ الْمَجْهُولِينَ، فَإِنَّ عَبْدَ اللَّهِ مَوْلَى عُثْمَانَ وَعَبْدَ الْعَزِيزِ لَا يُعْرَفَانِ، انْتَهَى.
قَالَ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ: أَحَادِيثُ «أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِأَوَّلِ وَقْتِهَا»، وَأَحَادِيثُ «أَوَّلُ الْوَقْتِ رِضْوَانُ اللَّهِ، وَآخِرُهُ عَفْوُ اللَّهِ» كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عُمَرَ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةً لِوَقْتِهَا الْأَخِيرِ إلَّا مَرَّتَيْنِ حَتَّى قَبَضَهُ اللَّهُ» انْتَهَى.
وَقَالَ: غَرِيبٌ، وَلَيْسَ إسْنَادُهُ بِمُتَّصِلٍ. انتهى.
وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ، ثُمَّ الْبَيْهَقِيُّ.
قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: وَهُوَ مُرْسَلٌ، إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ لَمْ يُدْرِكْ عَائِشَةَ، وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ أَبِيهِ: إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ، رَوَى عَنْ مُوسَى بْنِ وَرْدَانَ، رَوَى عَنْهُ: سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ مَجْهُولٌ، انْتَهَى.
وَكَذَلِكَ قَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: إنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَإِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ مَجْهُولٌ. انتهى.
وَلَمْ يَعْزُهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ إلَّا لِلدَّارَقُطْنِيِّ فَقَطْ، وَنُقِلَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ أَنَّهُ قَالَ: إِسْحَاقُ بْنُ عُمَرَ أَحَدُ الْمَجَاهِيلِ، رَوَى عَنْهُ سَعِيدُ بْنُ أَبِي هِلَالٍ. انتهى.
وَأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ عَمْرَةَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ، وَفِي سَنَدِهِ مُعَلَّى بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَأَلْت أَبِي عَنْهُ، فَقَالَ: مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ، وَأَخْرَجَهُ أَيْضًا عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ نَحْوَهُ، وَفِيهِ الْوَاقِدِيُّ، وَهُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَهُمْ.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مُكَبَّرًا عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: الصَّلَاةُ لِمِيقَاتِهَا الْأَوَّلِ».
وَأَخْرَجَهُ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ مُصَغَّرًا عَنْ نَافِعٍ بِهِ نَحْوَهُ.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ أَيْضًا عَنْ إبْرَاهِيمَ بْنِ الْفَضْلِ عَنْ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إنَّ أَحَدَكُمْ لَيُصَلِّي الصَّلَاةَ لِوَقْتِهَا، وَقَدْ تَرَكَ مِنْ الْوَقْتِ الْأَوَّلِ مَا هُوَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَهْلِهِ وَمَالِهِ» انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي كِتَابِهِ حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْجُهَنِيِّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ الْهَاشِمِيِّ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُ: يَا عَلِيُّ ثَلَاثَةٌ لَا تُؤَخِّرْهَا: الصَّلَاةُ إذَا أَتَتْ وَالْجِنَازَةُ إذَا حَضَرَتْ وَالْأَيِّمُ إذَا وَجَدْتَ لَهَا كُفْئًا»، انْتَهَى.
وقَالَ: حَدِيثٌ غَرِيبٌ، وَمَا أَرَى إسْنَادَهُ بِمُتَّصِلٍ. انتهى.
قَالَ (وَالْإِبْرَادُ بِالظُّهْرِ فِي الصَّيْفِ، وَتَقْدِيمُهُ فِي الشِّتَاءِ) لِمَا رَوَيْنَا، وَلِرِوَايَةِ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ بَكَّرَ بِالظُّهْرِ، وَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ أَبْرَدَ بِهَا» (وَتَأْخِيرُ الْعَصْرِ مَا لَمْ تَتَغَيَّرْ الشَّمْسُ فِي الصَّيْفِ وَالشِّتَاءِ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْثِيرِ النَّوَافِلِ لِكَرَاهَتِهَا بَعْدَهُ، وَالْمُعْتَبَرُ تَغَيُّرُ الْقُرْصِ، وَهُوَ أَنْ يَصِيرَ بِحَالٍ لَا تَحَارُ فِيهِ الْأَعْيُنُ، هُوَ الصَّحِيحُ، وَالتَّأْخِيرُ إلَيْهِ مَكْرُوهٌ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الثَّالِثَ عَشَرَ: رَوَى أَنَسٌ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا كَانَ فِي الشِّتَاءِ بَكَّرَ بِالظُّهْرِ، وَإِذَا كَانَ فِي الصَّيْفِ أَبْرَدَ بِهَا».
قُلْت: رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ، قَالَ: صَلَّى بِنَا أَمِيرُنَا الْجُمُعَةَ، ثُمَّ قَالَ لِأَنَسٍ: «كَيْفَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ؟ قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا اشْتَدَّ الْبَرْدُ بَكَّرَ بِالصَّلَاةِ، وَإِذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ أَبْرَدَ بِالصَّلَاةِ» انْتَهَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ خَبَّابُ بْنِ الْأَرَتِّ: «شَكَوْنَا إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ فَلَمْ يُشْكِنَا»، أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ، وَزَادَ فِي رِوَايَةٍ، قَالَ زُهَيْرٌ: قُلْت لِأَبِي إِسْحَاقَ فِي تَعْجِيلِ الظُّهْرِ، قَالَ: نَعَمْ. انتهى.
فَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى هَذَا، فَقِيلَ: لَمْ يَعْذُرْنَا.
وَقِيلَ: لَمْ يُحْوِجْنَا إلَى الشَّكْوَى بَعْدُ، وَلَكِنْ رُوِيَتْ فِيهِ زِيَادَةٌ مُثْبَتَةٌ لِلْأَوَّلِ، قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ ثنا خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى ثنا يُونُسُ بْنُ أَبِي إِسْحَاقَ ثنا سَعِيدُ بْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي خَبَّابُ بْنُ الْأَرَتِّ، قَالَ: «شَكَوْتُ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الرَّمْضَاءَ فَمَا أَشْكَانَا، وَقَالَ: إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَصَلُّوا» انْتَهَى.
وَبِهَذَا اللَّفْظِ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي السُّنَنِ، وَفِي لَفْظٍ: لَهُ «شَكَوْنَا حَرَّ الرَّمْضَاءِ فِي جِبَاهِنَا وَأَكُفِّنَا فَلَمْ يُشْكِنَا.
قُلْت: وَيُؤَيِّدُ الثَّانِيَ»
حَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ: «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا بِالصَّلَاةِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ» أَخْرَجَاهُ، وَانْفَرَدَ الْبُخَارِيُّ بِحَدِيثِ الْخُدْرِيِّ «أَبْرِدُوا بِالظُّهْرِ، فَإِنَّ شِدَّةَ الْحَرِّ مِنْ فَيْحِ جَهَنَّمَ».
أَحَادِيثُ لِمَذْهَبِنَا فِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ، أَخْرَجَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي سُنَنِهِ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ، قَالَ: دَخَلْت مَسْجِدَ الْمَدِينَةِ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بِالْعَصْرِ، وَشَيْخٌ جَالِسٌ فَلَامَهُ، وَقَالَ: إنَّ أَبِي أَخْبَرَنِي «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِتَأْخِيرِ هَذِهِ الصَّلَاةِ»، فَسَأَلْت عَنْهُ، فَقَالُوا: هَذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ. انتهى.
وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، وَقَالَ: قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ فِيمَا أَخْبَرَنَا عَنْهُ أَبُو بَكْرٍ بْنُ الْحَارِثِ: هَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفُ الْإِسْنَادِ، وَالصَّحِيحُ عَنْ رَافِعٍ.
وَغَيْرِهِ ضِدُّ هَذَا، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَافِعٍ لَيْسَ بِالْقَوِيِّ، وَلَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ عَبْدِ الْوَاحِدِ، وَلَا يَصِحُّ هَذَا الْحَدِيثُ عَنْ رَافِعٍ وَلَا عَنْ غَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ. انتهى.
وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَافِعٍ يَرْوِي عَنْ أَهْلِ الْحِجَازِ الْمَقْلُوبَاتِ، وَعَنْ أَهْلِ الشَّامِ الْمَوْضُوعَاتِ، لَا يَحِلُّ ذِكْرُهُ فِي الْكُتُبِ إلَّا عَلَى سَبِيلِ الْقَدْحِ فِيهِ. انتهى.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ الْكَبِيرِ فِي بَابِ الْعَيْنِ فِي تَرْجَمَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَافِعٍ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ عَنْ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ نَافِعٍ بِهِ، وَقَالَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ يَعْنِي عَبْدَ اللَّهِ بْنَ رَافِعٍ وَالصَّحِيحُ عَنْ رَافِعٍ غَيْرِهِ، ثُمَّ أَخْرَجَهُ عَنْ رَافِعٍ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَنْحَرُ الْجَزُورَ»، وَسَيَأْتِي بِتَمَامِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْقَطَّانِ فِي كِتَابِهِ: عَبْدُ الْوَاحِدِ بْنُ نَافِعٍ أَبُو الرَّمَّاحِ مَجْهُولُ الْحَالِ مُخْتَلَفٌ فِي حَدِيثِهِ، انْتَهَى.
أَثَرٌ فِي ذَلِكَ، أَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيّ، قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا مَعَ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَعْظَمِ فَجَاءَ الْمُؤَذِّنُ، فَقَالَ: الصَّلَاةُ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: اجْلِسْ فَجَلَسَ، ثُمَّ عَادَ فَقَالَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: هَذَا الْكَلْبُ يُعَلِّمُنَا السُّنَّةَ، فَقَامَ عَلِيٌّ فَصَلَّى بِنَا الْعَصْرَ ثُمَّ انْصَرَفْنَا فَرَجَعْنَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كُنَّا فِيهِ جُلُوسًا فَجَثَوْنَا لِلرُّكَبِ، لِنُزُولِ الشَّمْسِ لِلْغُرُوبِ نَتَرَاءَاهَا، انْتَهَى.
وَقَالَ: صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ. انْتَهَى.
وأَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ كَذَلِكَ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ ذُرَيْحٍ عَنْ زِيَادِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ النَّخَعِيّ بِهِ، ثُمَّ قَالَ: وَزِيَادُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ هَذَا مَجْهُولٌ لَمْ يَرْوِهِ عَنْهُ غَيْرُ الْعَبَّاسِ بْنُ ذُرَيْحٍ، انْتَهَى.
قُلْت: وَهَذَا الْأَثَرُ فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ، أَوْ قَرِيبٌ مِنْهُ، لِذِكْرِ السُّنَّةِ فِيهِ.
أَحَادِيثُ الْخُصُومِ فِي أَفْضَلِيَّةِ التَّعْجِيلِ: مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي بَرْزَةَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَرْجِعُ أَحَدُنَا إلَى رَحْلِهِ وَالشَّمْسُ حَيَّةٌ»، رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْعَصْرَ، ثُمَّ يَذْهَبُ أَحَدُنَا إلَى الْعَوَالِي، وَالشَّمْسُ مُرْتَفِعَةٌ، قَالَ الزُّهْرِيُّ: وَالْعَوَالِي عَلَى مِيلَيْنِ مِنْ الْمَدِينَةِ. وَثَلَاثَةٍ، وَأَحْسِبُهُ قَالَ: وَأَرْبَعَةٍ»، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ أَيْضًا عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاةَ الْعَصْرِ، ثُمَّ نَنْحَرُ الْجَزُورَ، فَنَقْسِمُ عَشْرَ قِسَمٍ، ثُمَّ يُطْبَخُ فَيُؤْكَلُ لَحْمًا نَضِيجًا قَبْلَ أَنْ تَغِيبَ الشَّمْسُ» انْتَهَى.
(وَ) يُسْتَحَبُّ (تَعْجِيلُ الْمَغْرِبِ) لِأَنَّ تَأْخِيرَهَا مَكْرُوهٌ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْيَهُودِ، وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْمَغْرِبَ وَأَخَّرُوا الْعِشَاءَ».
قَالَ (وَتَأْخِيرُ الْعِشَاءِ إلَى مَا قَبْلَ ثُلُثِ اللَّيْلِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ».
وَلِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَعْدَهُ، وَقِيلَ: فِي الصَّيْفِ تَعْجِيلٌ كَيْ لَا تَتَقَلَّلَ الْجَمَاعَةُ، وَالتَّأْخِيرُ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ مُبَاحٌ، لِأَنَّ دَلِيلَ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ تَقْلِيلُ الْجَمَاعَةِ عَارَضَهُ دَلِيلُ النَّدْبِ وَهُوَ قَطْعُ السَّمَرِ بِوَاحِدَةٍ فَتَثْبُتُ الْإِبَاحَةُ، وَإِلَى النِّصْفِ الْأَخِيرِ مَكْرُوهٌ، لِمَا فِيهِ مِنْ تَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ، وَقَدْ انْقَطَعَ السَّمَرُ قَبْلَهُ.
الشرح:
الْحَدِيثُ الرَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الْمَغْرِبَ وَأَخَّرُوا الْعِشَاءَ».
قُلْت: غَرِيبٌ، وَرَوَى أَبُو دَاوُد فِي سُنَنِهِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ، أَوْ قَالَ: عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ إلَى أَنْ تَشْتَبِكَ النُّجُومُ» مُخْتَصَرٌ، وَتَمَامُهُ: عَنْ مَرْثَدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: قَدِمَ عَلَيْنَا أَبُو أَيُّوبَ غَازِيًا، وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ يَوْمَئِذٍ عَلَى مِصْرَ، فَأَخَّرَ الْمَغْرِبَ، فَقَامَ إلَيْهِ أَبُو أَيُّوبَ، فَقَالَ لَهُ: مَا هَذِهِ الصَّلَاةُ يَا عُقْبَةُ؟ قَالَ: شُغْلِنَا، قَالَ: أَمَا سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي بِخَيْرٍ» إلَى آخِرِهِ، وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ، وَقَالَ: صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ مُسْلِمٍ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: وَقَدْ خُولِفَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: وَرَوَاهُ حَيْوَةُ وَابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ أَسْلَمَ أَبِي عِمْرَانَ التُّجِيبِيِّ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «بَادِرُوا بِصَلَاةِ الْمَغْرِبِ قَبْلَ طُلُوعِ النُّجُومِ»، قَالَ أَبُو زُرْعَةَ، وَحَدِيثُ حَيْوَةَ أَصَحُّ انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَأَخْرَجَ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبَّادِ بْنِ الْعَوَّامِ عَنْ عُمَرَ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَالُ أُمَّتِي عَلَى الْفِطْرَةِ مَا لَمْ يُؤَخِّرُوا الْمَغْرِبَ حَتَّى يَشْتَبِكَ النُّجُومُ» انْتَهَى.
وَمِنْ أَحَادِيثِ الْبَابِ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ، قَالَ «كُنَّا نُصَلِّي الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَنْصَرِفُ أَحَدُنَا، وَأَنَّهُ لَيُبْصِرُ مَوَاقِعَ نَبْلِهِ» انْتَهَى.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ، وَلَفْظُهُ: «ثُمَّ يَرْمِي، فَيَرَى أَحَدُنَا مَوْضِعَ نَبْلِهِ».
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ قَالَ: «كُنَّا نُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَغْرِبَ إذَا تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ»، وَفِي لَفْظَةٍ: «إذَا غَرَبَتْ الشَّمْسُ وَتَوَارَتْ بِالْحِجَابِ» انْتَهَى.
وَلَفْظُ أَبِي دَاوُد فِيهِ «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الْمَغْرِبَ سَاعَةَ تَغْرُبُ الشَّمْسُ إذَا غَابَ حَاجِبُهَا».
الْحَدِيثُ الْخَامِسَ عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ».
قُلْت: رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَمِنْ حَدِيثِ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، فَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ أَوْ نِصْفِهِ» انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ الْبَزَّارُ عَنْ ابْنِ إِسْحَاقَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَسَارٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْت الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ»، وَقَالَ: لَا نَعْلَمُهُ يُرْوَى عَنْ عَلِيٍّ إلَّا بِهَذَا الْإِسْنَادِ. انتهى.
وَأَمَّا حَدِيثُ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، فَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ فِي الطَّهَارَةِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الصَّوْمِ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ، وَلَأَخَّرْت الْعِشَاءَ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ فَكَانَ زَيْدُ بْنُ خَالِدٍ يَشْهَدُ الصَّلَوَاتِ فِي الْمَسْجِدِ، وَسِوَاكُهُ عَلَى أُذُنِهِ مَوْضِعَ الْقَلَمِ مِنْ أُذُنِ الْكَاتِبِ، لَا يَقُومُ إلَى الصَّلَاةِ إلَّا اسْتَنَّ، ثُمَّ رَدَّهُ إلَى مَوْضِعِهِ» انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. انتهى.
وَذَهِلَ شَيْخُنَا عَلَاءُ الدِّينِ فِي عَزْوِهِ هَذَا الْحَدِيثَ بِتَمَامِهِ، لِأَبِي دَاوُد، وَأَبُو دَاوُد لَمْ يُخَرِّجْ مِنْهُ إلَّا فَضْلَ السِّوَاكِ، لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ تَأْخِيرَ الْعِشَاءِ، وَعَجِبْت مِنْ أَصْحَابِ الْأَطْرَافِ إذْ لَمْ يُبَيِّنُوا ذَلِكَ: مَعَ أَنَّهُ مِنْ عَادَتِهِمْ، كَابْنِ عَسَاكِرَ وَشَيْخِنَا الْحَافِظِ جَمَالِ الدِّينِ الْمِزِّيِّ، وَقَدْ أَحْسَنَ الْمُنْذِرِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ إذْ بَيَّنَ ذَلِكَ لَمَّا ذَكَرَ لَفْظَ أَبِي دَاوُد، فَعَزَاهُ لِلتِّرْمِذِيِّ وَالنَّسَائِيُّ، ثُمَّ قَالَ: وَحَدِيثُ التِّرْمِذِيِّ مُشْتَمِلٌ عَلَى الْفَضِيلَتَيْنِ: يَعْنِي فَضْلَ السِّوَاكِ وَفَضْلَ الصَّلَاةِ، وَأَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْخُلَاصَةِ مُقْتَصِرًا عَلَى فَضْلِ تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ، وَعَزَاهُ لِأَبِي دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيِّ، ثُمَّ إنَّ أَصْحَابَ الْأَطْرَافِ عَزَوْهُ لِلنِّسَائِيِّ فِي الصَّوْمِ وَلَمْ أَجِدْهُ فِي الصُّغْرَى فَلْيُنْظَرْ الْكُبْرَى.
حَدِيثٌ آخَرُ أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «مَكَثْنَا ذَاتَ لَيْلَةٍ نَنْتَظِرُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِصَلَاةِ الْعِشَاءِ الْآخِرَةِ، فَخَرَجَ إلَيْنَا حِينَ ذَهَبَ اللَّيْلُ أَوْ بَعْضُهُ، فَلَا نَدْرِي أَشَيْءٌ شَغَلَهُ فِي أَهْلِهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، فَقَالَ حِينَ خَرَجَ: إنَّكُمْ لَتَنْتَظِرُونَ صَلَاةً مَا يَنْتَظِرُهَا أَهْلُ دِينٍ غَيْرُكُمْ، وَلَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَصَلَّيْت بِهِمْ هَذِهِ السَّاعَةَ، ثُمَّ أَمَرَ الْمُؤَذِّنَ فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَلَّى» انْتَهَى.
حَدِيثٌ آخَرُ: قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: سَمِعْت أَبِي، وَذَكَرَ حَدَّثَنَا مَرْوَانُ الْفَزَارِيّ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ.
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَوْلَا أَنْ يَثْقُلَ عَلَى أُمَّتِي لَأَخَّرْت صَلَاةَ الْعِشَاءِ إلَى ثُلُثِ اللَّيْلِ».
قَالَ أَبِي: إنَّمَا هُوَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ: مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مِهْرَانَ الْمُزَنِيّ، قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: رَوَى عَنْ أَبِيهِ، وَالْمَقْبُرِيِّ رَوَى عَنْهُ مَرْوَانُ الْفَزَارِيّ، وَأَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ مَحَلُّهُ الصِّدْقُ، وَلَا أَرَى بِحَدِيثِهِ بَأْسًا، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي ثِقَاتِ التَّابِعِينَ، وَقَدْ رَوَى ابْنُ مَاجَهْ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ رِوَايَةِ دَاوُد بْنِ أَبِي هِنْدٍ عَنْ أَبِي نَضْرَةَ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَّى الْمَغْرِبَ، ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ حَتَّى ذَهَبَ شَطْرُ اللَّيْلِ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى بِهِمْ، وَقَالَ: لَوْلَا الضَّعِيفُ وَالسَّقِيمُ لَأَحْبَبْتُ أَنْ أُؤَخِّرَ هَذِهِ الصَّلَاةَ إلَى شَطْرِ اللَّيْلِ» انْتَهَى كَلَامُهُ.
الْحَدِيثُ السَّادِسَ عَشَرَ: حَدِيثُ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَعْدَ الْعِشَاءِ، أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْكِتَابِ قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ فِيهِ قَطْعَ السَّمَرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ بَعْدَهَا.
قُلْت: رَوَاهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ فِي كُتُبِهِمْ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَرْزَةَ: عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنَّهُ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَهَا يَعْنِي الْعِشَاءَ» وَالْحَدِيثُ بَعْدَهَا، انْتَهَى.
رَوَوْهُ فِي الْمَوَاقِيتِ مُطَوَّلًا وَمُخْتَصَرًا، وَلَفْظُ مُسْلِمٍ: كَانَ لَا يُحِبُّ، وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُد فِي الْأَدَبِ أَيْضًا، وَلَفْظُهُ: «كَانَ يَنْهَى عَنْ النَّوْمِ قَبْلَهَا»،وَالْحَدِيثِ بَعْدَهَا. انتهى.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ فِي سُنَنِهِ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَعْلَى الطَّائِفِيِّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مَا نَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَلَا سَمَرَ بَعْدَهَا» انْتَهَى.
وَقَدْ أَجَازَ الْعُلَمَاءُ السَّمَرَ بَعْدَ الْعِشَاءِ فِي الْخَيْرِ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَى ذَلِكَ بِمَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، وَمُسْلِمٌ عَنْ سَالِمٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: «صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ لَيْلَةٍ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَامَ، فَقَالَ: أَرَأَيْتُكُمْ لَيْلَتَكُمْ هَذِهِ، فَإِنَّ عَلَى رَأْسِ مِائَةِ سَنَةٍ لَا يَبْقَى مِمَّنْ هُوَ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ أَحَدٌ» انْتَهَى.
وَبَوَّبَ عَلَيْهِ النَّسَائِيّ فِي سُنَنِهِ بَابُ السَّمَرِ فِي الْعِلْمِ.
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ فِي الصَّلَاةِ وَالنَّسَائِيُّ فِي الْمَنَاقِبِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ عُمَرَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْمُرُ عِنْدَ أَبِي بَكْرٍ اللَّيْلَةَ فِي الْأَمْرِ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَنَا مَعَهُ» انْتَهَى.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ، وَقَدْ رَوَاهُ الْحَسَنُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ جُعْفِيٍّ، يُقَالُ لَهُ: قَيْسٌ، أَوْ ابْنُ قَيْسٍ عَنْ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةٍ طَوِيلَةٍ. انتهى.
وَقَالَ ابْنُ عَسَاكِرَ فِي أَطْرَافِهِ عَلْقَمَةُ لَمْ يَسْمَعْ مِنْ عُمَرَ، وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الْإِمَامِ: رَوَى أَوْسُ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْتِينَا بَعْدَ الْعِشَاءِ يُحَدِّثُنَا، وَكَانَ أَكْثَرُ حَدِيثِهِ تَشْكِيَةَ قُرَيْشٍ»، وَلَمْ يَذْكُرْ مَنْ رَوَاهُ.
فَائِدَةٌ:
اسْتَدَلَّ الشَّيْخُ فِي الْإِمَامِ عَلَى جَوَازِ تَسْمِيَةِ الْعِشَاءِ بِالْعَتَمَةِ بِحَدِيثِ رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ عَنْ سُمَيٌّ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَوْ يَعْلَمُونَ مَا فِي الْعَتَمَةِ وَالصُّبْحِ لَأَتَوْهُمَا وَلَوْ حَبْوًا» مُخْتَصَرٌ، وَيَنْبَغِي الْجَمْعُ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «لَا تَغْلِبَنَّكُمْ الْأَعْرَابُ عَلَى اسْمِ صَلَاتِكُمْ أَلَا إنَّهَا الْعِشَاءُ، وَهُمْ يُعْتِمُونَ بِالْإِبِلِ» أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
(وَيُسْتَحَبُّ فِي الْوِتْرِ لِمَنْ يَأْلَفُ صَلَاةَ اللَّيْلِ أَنْ يُؤَخِّرَهُ إلَى آخِرِ اللَّيْلِ، فَإِنْ لَمْ يَثِقْ بِالِانْتِبَاهِ أَوْتَرَ قَبْلَ النَّوْمِ) لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ آخِرَهُ».
الشرح:
الْحَدِيثُ السَّابِعَ عَشَرَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ آخِرَهُ».
قُلْت: أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ عَنْ الْأَعْمَشِ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَنْ لَا يَقُومَ آخِرَ اللَّيْلِ فَلْيُوتِرْ أَوَّلَهُ، وَمَنْ طَمِعَ أَنْ يَقُومَ آخِرَهُ، فَلْيُوتِرْ آخِرَ اللَّيْلِ، فَإِنَّ صَلَاةَ آخِرِ اللَّيْلِ مَشْهُودَةٌ وَذَلِكَ أَفْضَلُ» انْتَهَى.
(فَإِذَا كَانَ يَوْمُ غَيْمٍ، فَالْمُسْتَحَبُّ فِي الْفَجْرِ وَالظُّهْرِ وَالْمَغْرِبِ تَأْخِيرُهَا، وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ تَعْجِيلُهُمَا)، لِأَنَّ فِي تَأْخِيرِ الْعِشَاءِ تَقْلِيلَ الْجَمَاعَةِ عَلَى اعْتِبَارِ الْمَطَرِ، وَفِي تَأْخِيرِ الْعَصْرِ تَوَهُّمُ الْوُقُوعِ فِي الْوَقْتِ الْمَكْرُوهِ، وَلَا تَوَهُّمَ فِي الْفَجْرِ، لِأَنَّ تِلْكَ الْمُدَّةَ مَدِيدَةٌ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: التَّأْخِيرُ فِي الْكُلِّ لِلِاحْتِيَاطِ، أَلَا تَرَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْأَدَاءُ بَعْدَ الْوَقْتِ لَا قَبْلَهُ.